ليلة القدر فاغتنمها

⏺ ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان وأرجى ليلة هي ليلة السابع والعشرين هي أرجى ليالي العشر عند جمهور العلماء ⏺

ليلة القدر باقية إلى قيام الساعة

قال الحافظ ابن الملقن رحمه الله تعالى:
أجمع من يعتدّ به من العلماء على دوام ليلة القدر إلى آخر الدهر.

الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (٥/٣٩٧)

وذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى :
ستة وأربعين قولاً في تحديدها ثم قال: (وأرجحها كلها أنها في وتر من العشر الأخير وأنها تتنقل وأرجاها العشر وأرجى أوتار العشر عند الجمهور ليلة سبع وعشرين )

فتح الباري (٤/٢٦٦)

وهذه الليلة ليلة سبع وعشرين ليلة عظيمة فاضلة، وهي من الليالي التي يرجى أن تكون هي ليلة القدر بل هي في كل عام من أرجى الليالي؛ وذلك لكثرة الأحاديث فيها، مما يدل على كثرة موافقة ليلة سبع وعشرين لليلة القدر، حتى أقسم مقرئ الصحابة وفقيههم أبي بن كعب رضي الله عنه على ذلك؛ كما في حديث زِرِّ بنِ حُبَيْشٍ رَحِمَه اللُه تَعَالى

قَالَ : سَأَلْتُ أُبيَّ بنَ كَعْبٍ رضي الله عنه فَقُلْتُ: إِنَّ أَخَاكَ ابْنَ مَسْعُودٍ يقولُ: مَنْ يَقُمِ الحَوْلَ يُصِبْ لَيْلَةَ القَدْرِ، فقالَ: رَحِمَهُ الله تعالى، أَرَادَ أَنْ لا يَتَّكِلَ النَّاسُ، أَمَا إِنَّهُ قَدْ عَلِمَ أَنَّها في رَمَضَانَ، وأَنها في العَشْرِ الأَوَاخِرِ، وأَنها لَيْلَةُ سَبْعٍ وعِشْرينَ، ثُم حَلَفَ لا يَسْتَثْنِي أنَها لَيْلَةُ سَبْعٍ وعِشْرينَ، فقلتُ: بِأَيِّ شَيءٍ تَقُولُ ذَلكَ يَا أَبَا المنْذِرِ، قَالَ: بالعَلامَةِ أو بالآيَةِ الَّتي أَخْبَرنَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم : أَنَّها تَطْلُعُ يَوْمَئذٍ لا شُعَاعَ لها.
رواه مسلم.

وفي رِوايةٍ لأَحمد: “أَنَّ الشَّمْسَ تَطْلُعُ غَدَاةَ إِذْ كَأَنَّها طَسْتٌ لَيْسَ لَها شُعَاعٌ”.

وفي رِوايةٍ لِلترمذيِّ قَالَ أُبَيٌّ رضي الله عنه: “والله لَقَدْ عَلِمَ ابنُ مَسْعُودٍ أَنَّها في رَمَضَان، وأَنَّها لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرينَ، ولَكِنْ كَرِهَ أَنْ يُخبِرَكُمْ فَتَتَكِلُوا.

فمذهب أبي بن كعب رضي الله عنه أن ليلة القدر ليلة سبع وعشرين، وعلى ذلك أقسم، وتبعه في ذلك تلميذه زر بن حبيش رحمه الله تعالى .

حتى قال: ” لَوْلَا سُفَهَاؤُكُمْ لَوَضَعْتُ يَدَيَّ فِي أُذُنَيَّ فَنَادَيْتُ: أَنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ سَبْعٌ وَعِشْرُونَ، نَبَأُ مَنْ لَمْ يَكْذِبْنِي، عَنْ نَبَأِ مَنْ لَمْ يَكْذِبْهُ، يَعْنِي أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ”

رواه أحمد وصححه ابن خزيمة.

وقال زِرٌّ أيضا عَنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ: “كَانَ عُمَرُ، وَحُذَيْفَةُ، وَنَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَشُكُّونَ أَنَّهَا لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ، تَبْقَى ثَلَاثٌ .
رواه ابن أبي شيبة.

وممن روى أحاديث في ليلة سبع وعشرين تثبت أنها ليلة القدر معاوية بن أبي سفيان وابن عباس وأبو هريرة وابن عمر رضي الله عنهم:
فأما مُعَاويَةُ رضي الله عنه فروى عَن
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَوله: “لَيْلَةُ القَدْرِ لَيْلَةُ سَبْعٍ وعِشْرينَ .
رواه أبو داود.

وأما ابنِ عَبّاسٍ رضي الله عنهما فروى أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: “يا نَبيَّ الله، إِنّي شَيْخٌ كَبيرٌ عَلِيلٌ يَشُقُّ عَلَيَّ القِيَامُ، فَأْمُرْني بِلَيْلَةٍ لَعَلَّ الله يُوَفِّقُني فيهَا لَيْلَةَ القَدْر، قالَ: عَلَيْكَ بالسَّابِعَةِ .

رواه أحمد.

وَدَعَا عُمَرُ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُمْ عَنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ فَاجْتَمَعُوا أَنَّهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَقُلْتُ لِعُمَرَ: إِنِّي لَأَعْلَمُ أَوْ إِنِّي لَأَظُنُّ أَيَّ لَيْلَةٍ هِيَ، قَالَ عُمَرُ: فَأَيُّ لَيْلَةٍ هِيَ؟ فَقُلْتُ سَابِعَةٌ تَمْضِي، أَوْ سَابِعَةٌ تَبْقَى مِنَ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ، – يعني ثلاثا وعشرين أو سبعا وعشرين.

قال الحافظ ابن عبد البر رحمه الله تعالى :

النَّفْسُ أَمْيَلُ إِلَى أَنَّهَا فِي الْأَغْلَبِ لَيْلَةُ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ، أَوْ لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ عَلَى مَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِنَّهَا سَابِعَةٌ تَمْضِي، أَوْ سَابِعَةٌ تَبْقَى، وَأَكْثَرُ الْآثَارِ الثَّابِتَةِ الصِّحَاحِ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وأما أَبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه فقَالَ: تَذَاكَرْنَا لَيْلَةَ الْقَدْرِ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: “أَيُّكُمْ يَذْكُرُ حِينَ طَلَعَ الْقَمَرُ، وَهُوَ مِثْلُ شِقِّ جَفْنَةٍ؟”
رواه مسلم.

قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْفَارِسِيُّ : أَيْ : لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ فَإِنَّ الْقَمَرَ يَطْلُعُ فِيهَا بِتِلْكَ الصفة.

وأما ابن عمر رضي الله عنهما فقال: رَأَى رَجُلٌ أَنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ أَوْ كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:”أَرَى رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَأَتْ فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْبَوَاقِي فِي الْوِتْرِ مِنْهَا .

رواه أحمد.

ولأجل هذه الأحاديث الكثيرة كانت ليلة سبع وعشرين هي أرجى الليالي أن تكون ليلة القدر .

اسأل الله تعالى أن يرزقنا ليلة القدر إيمانا واحتسابا .


تعليقات

Schreibe einen Kommentar

Deine E-Mail-Adresse wird nicht veröffentlicht. Erforderliche Felder sind mit * markiert

DE