بين فرحة العيد وآلام الأمة

بين فرحة الأفراد وآلام الامة

عن أبى هريرة ــ رضي الله عنه ــ أنَ النبي صلى الله عليه وسلم قال:

رواه مسلم

والناس في الفرحة صنفان :

الأول : صنف يفرح لأن الله وفقه في الصيام والقيام والقرآن والأنفاق

يفرح لأن الله عز وجل أمد في عمره فبلغه رمضان وليلة القدر ، التي كانت أمنية الرسول في حياته
حيث قال:

فكم من أحبة لنا ومعارف قد كانوا معنا يصومون ويصلون، دموعهم يذرفون، وأكف الضراعة يبسطون، اليوم تحت الثرى مقبورين
يفرح لأن الله وفقه في الصيام فسارع وتسابق في الخيرات وترك الفواحش والمنكرات وصبر عليها قال الله عنهم:

[آل عمران: 136]
يفرح لأن الله وفقه في الإنفاق وإطعام الصائمين، قال الله تعالى:

[السجدة: 16]

لما دخلوا على الإمام على في يوم العيد وجدوا عنده خبزاً يابساً ،فلما تعجب بعض الصحابة من ذلك ، قال الإمام على ( اليوم لنا عيد وغدًا لنا عيد وكل يوم لا نعص الله فيه فهو لنا عيد ،،اليوم عيد من قبل بالأمس صيامه وقيامه )

الثاني : وصنف يفرح لإنتهاء فترة الحرمان ليطلق لنفسه العنان تفعل ما تشاء

قال الحافظ ابن رجب ــ رحمه الله: أما فرحة الصائم عند فطره: فإن النفوس مجبولة على الميل إلى ما يلائمها من مطعم ومشرب ومنكح، فإذا منعت من ذلك فى وقت من الأوقات، ثم أبيح لها فى وقت آخر فرحت بإباحة ما منعت منه، خصوصا عند اشتداد الحاجة إليه، فإن النفوس تفرح بذلك طبعا لذلك

من وفق في رمضان يفرح بالجائزة

فقد روى عن الحسن البصرى أنه مر بقوم وهم يضحكون بعد الإفطار فقال:

(إن الله عز وجل جعل شهر رمضان مضمارا لخلقه يستبقون فيه لطاعته، فسبق قوم ففازوا، وتخلف أقوام فخابوا، فالعجب كل العجب للضاحك اللاعب فى اليوم الذى فاز فيه السابقون، وخاب فيه المبطلون، أما والله لو كشف الغطاء لاشتغل المحسن بإحسانه، والمسيء بإساءته؛ أي كان سرور المقبول يشغله عن اللعب، وحسرة المردود تسد عليه باب الضحك.

ومن لم يوفق فقد خسر، فبأي شيء يفرح الخاسرون

وقد خسر المغفرة والرحمة وحكم على نفسه بالشقاء كما قال رسول الله
(الشقي من حُرم فيه رحمة الله) وقال (خاب وخسر من أدركه رمضان ولم يغفر له)

في الأثر قَالَ : إِذَا كَانَ صَبِيحَةُ يَوْمِ‏ الْفِطْرِ نَادَى مُنَادٍ اغْدُوا إِلَى جَوَائِزِكم.

أما من لم يُغفر له فأنَّى له أن يفرح و يمرح

الفارق بين الفرحة وبين التعبير عنها

حق لي ولك ان وفقنا الله في الطاعة والعبادة أن نفرح وحق لى ولك أن نفرح ان تاب الله علينا وغفر لنا ،،قال رسول الله لكعب بن مالك (أبشر يا كعب بخير يوم طلعت عليك شمسه منذ أن ولدتك أمك)
أما عن التعبير عن الفرحة قال كعب -رضي الله عنه-:

«ما قام لي أحد إلا طلحة ولا أنساها له»

أى في التعبير عن فرحته له بالتوبة
وعن النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله ﷺ:

[أخرجه مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب تراحم المؤمنين وتعاطفهم وتعاضدهم، (4/ 1999)]

من هذا الحديث لا يحق لنا أن نعبر عن رحتنا وبقية جسدنا مكلوم ومجروح ودمه ينزف، كيف نبتسم ونضحك والقدس يصرخ، جاءنا العيد، وهناك الألوف من الأرامل اللاتي توالت عليها المحن فقدت زوجها، ،،كيف تفرح الأمة في عيد فطرها وبقية جسدها لم يجد ما يفطر عليه ويسد رمقه ،ويداوي جراحه ، أو يأويه من الخلاء والعراء

إذا نادى عليكم الله في مصلاكم صبيحة العيد، انصرفوا إلى رحالكم راشدين فقد غفرت لكم، تذكروا أن إخوانكم لم تعد لهم ديار ينصرفون إليها، ولا أموال يفرحون بها، ولا أهل يتعايشون معهم، فشاركوهم ولو بالدعاء والإنفاق، حتى يأذن الله

يجب أن لا تُنسينا فرحة العيد أن هناك آلاماً وجروحاً في الأمة لم تلتئم بعد. هناك من أبناء الأمة الإسلامية أناس أبرياء يتمتهم الحروب.
سوف يدخل عليهم العيد و من الأيتام من يبحث عن عطف الأبوة الحانية، ويتلمس حنان الأم، وأبوه قد ذهب وقطعت أوصاله، وأمه لا يعلم مصيرها إلا الله، سوف يحل العيد بأمة الإسلام، وهناك من يرنو إلى من يمسح رأسه، ويخفف بؤسه!
تقبل الله منا ومنكم


تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

AR